رحلة غريب ( الجزء 6)

رحلة غريب 
الفصل الرابع

مد المخلوق إحدى قدميه و التفّت حول جسد غريب وأمسكه بيده و بدأ بمرجحته كبندول الساعة , ثم أمسك به وألقى به أرضاً عدة مرات كمن يضرب مسماراً بمطرقة قوية وكأنه أراد تثبيته أرضاً واستمر بضربه مدة لا بأس بها من الزمن حتى تأكد من موته فرماه بعيداً ثم رحل ..

 لم يمت غريب وإنما أصيب  بكدمات قوية على جسده انهكته قواه فلم يقوى على التحمل حتى وقع مغشياً عليه ...

استيقظ غريب صباحاً و قد حاول تناسي ما حدث ليلة البارحة  وقرّر أن يبدأ من جديد وأن يكون حذراً هذه المرة . فهدفه واضح تماماً إذا لم يصل لتلك الأزهار لن يفهم الحالة التي هو فيها ولن يذكر شيئا من حياته السابقة .

استمر غريب بالمسير حتى شاهد كوخاً  صغيراً ذو منظر جذاب حوله أزهار كثيرة وأشجار خضراء مزهرة.. اقترب كثيراً من الكوخ و كله تفاؤل بإيجاد علامةٍ ما تدله على ما يريد وبينما هو يقترب من نافذة الكوخ وجد الكثير من الحلوى اللذيذة والكعك على طاولة موضوعه في منتصف الغرفة  فاندفع نحو الداخل , لقد كان الباب مفتوحاً و كأنه بيت لعابري السبيل ثم بدأ بالتهام قطع الكعك بشراهة و بينما هو يتناول الكعك ضعفت قواه وبدأ بالتّرنح ... يبدو أن هذا الكعك مسموماً ! هذا ما فكر به  وأراد البحث عن شيئ يسنده فلم يجد سوى الطاولة فتَمسّك بها جيدا ... و بقي الوضع هكذا حتى سمع صوت صرير الباب قد فُتح بقدر قليل ودخل منه هذا الشيء الذي لا يمكن أن يسمى مخلوقاً ؛كان يشبه الأفعى .. عملاقا جداً و كانت له عينان حمراوان كشعلة نار قوية ,تفاجأ به غريب  ,فقد كان يرمقه بنظرات الشك والغضب, نظرة واحدة كفيلة بأن يصاب غريب بالتبول اللاارادي وهذا ما حدث فعلاً .. ابتل بنطاله فهو مخدّر الآن ولم يستطع التحكم بنفسه وأحسّ بالضآلة والتحقير الذاتي  للحظات قليلة,اقتربت منه الأفعى أكثر وانقضّت عليه و لدغته, ثم حاول الفرار لكنّ رجلاه قد خانتاه فقد سار السّم في جسده في دقائق قليلة حتى غاب عن الوعي تماماً و بدأت الأفعى بالإلتفاف عليه محاولة خنقه والتخلص منه.. و ما ان أحسّت بانقطاع انفاسه تخلت عنه وهمّت بالخروج من الكوخ و كأنها لم تقم بشيء فهي  تفتقر لتأنيب الضمير كبعض البشر!

         استدعت ليلى الطبيب علي  مسرعة فهناك مستجدات لحالة مريضهم الجديد.. هرع الطبيب نحو غرفته ليرى التقدمات في الحالة عسى ان يجد تشخيصا جيدا لهذا المرض اذا وُجدت أعراضا جديدة .. فأخبرته الممرضة ليلى بالأعراض الجديدة التي لاحظتها على المريض هذه الفترة فقد كانت أطرافه تصاب بتشنجات والخدر باستمرار لمدة اسبوع و كانت نبضات قلبه تتباطأ في لحظات قصيرة ثم تعود للتسارع وبعدها تعود لحالتها الطبيعية كما كانت ..اما تنفسه فقد كان سريعا جدا.. وفي احد الايام  قام بفتح عيناه لوهلة قصيرة كأنه يشاهد شيئا مخيفا أمامه ثم عاد لنومه الطبيعي  ..يبدو انه كان حلما لا أكثر.. والأسوأ من ذلك كله قد ظهرت عليه اعراض تسمم كمن يصاب بلدغة افعى وأحضرت له النتائج بعد ان قامت بإعادة الفحوصات  وفعلا قد وجدت نسبة من سم الافاعي في جسد المريض لم تظهر في النتائج السابقة ..لكنها قد قامت باللازم و قدمت له العلاج المناسب ..

اجابها الطبيب في ذهول :

-         و كيف وصل هذا السم الى جسده ؟ اانت متاكدة بعدم دخول احد الى الغرفة بينما كنتي تعملين ؟ لا يعقل ان تدخل افعى الى القسم و تخرج دون الانتباه لها !

حسنا بالرغم مما حدث فإنني اشكرك على الإهتمام بمريضك ومراقبته جيدا و الآن سوف أحمل بهذه الأعراض لمناقشتها مع الأطباء ... نعم صحيح هل تكلمتي مع رجال الامن عن ما رأوه في الغرفة ؟

-         نعم لقد كلمتهم ..مسعود قد اقتنع بعدم التحدث بالامر وقد وعد بذلك أما سمير فقد كان محتالا بعض الشئيء فقد حاول ابتزازي بالنقود حتى يلتزم الصمت لكنني وعدته بمعالجة ابنته الصغيرة مجانا على حسابي الخاص فكما تعلم فهي مصابة بذات الرئة و هو لا يملك نقودا و عندها اقتنع بعرضي ووافق على كتمان الأمر .

-         لكن اليست تكاليف علاجها مكلفة؟ كيف لك ان تقومي بذلك!

-         لا تخف فقد ورثت عن عمي مبلغا جيدا من المال و كنت سأتبرع بربعه لأحد المراكز الخيرية وسأقوم بدفع تكاليف الطفلة بهذا المبلغ ..

اتجه علي نحو غرفته و بدأ  باتصالاته مع فريق الاطباء ليدعوهم للاجتماع السري الذي نظمه مسبقا وأخبرهم بالأعراض الجديدة التي تحدث مع المريض .. جاء الأطباء الى المكان الذي اتُفِق على عقد الاجتماع به لقد كان بعيداً جداً عن  المشفى الذي يعمل به الطبيب علي ,وبدأ الجميع بتقديم استنتاجاته عن المرض وكيفية التشخيص وعاد الطبيب علي بقائمة كبيرة من التحاليل والفحوصات مرة اخرى الى المشفى وفعلا قاموا بكل ما يلزم مع المريض و بقي انتظار النتيجة ..      

يتبع ...