رحلة غريب (الجزء 7)

رحلة غريب (الجزء7)

  رحلة غريب 
الفصل الرابع
يكمل غريب مسيرته للبحث عن هويته فهو لن يتراجع أبداً عن هدفه بالرغم من عدد الكدمات الهائلة  التي أصابته والسّم الذي اختفى بشكل مفاجئ من جسده والضرب الذي تلقاه دون أي سبب يذكر, يتجه غريب نحو الجبل ويملؤه التفاؤل بالوصول الى حل للغموض الذي يعيشه .. حتى توقف أمام  سور عالٍ جداُ.
-         - مؤكد لم أتوقع وجود سور هنا ,من سيبني هذا السور؟أهناك بشري آخر غيري هنا , لكن هذا السور عالٍ جدًا و طويل لا أرى بدايته ولا نهايته فكيف لي العبور منه الآن!لقد اعترض طريقي بكل سهولة !!
وفجأة سمع صوتاً قوياً قادماً من الخلف التفت مسرعاً نحو الصوت فأُصيب بالرعب الشديد حتى غزا الشيب رأسه ... شاهد شيئًا غريبًا كالضباب له ملامح وجه بشري يزداد قبحاً كلّما اقترب منه .. رمادي اللون له انياب طويلة حادة كأنه ذئب جائع فصرخ بوجهه وقال:
-          ألم يخبرك السيد الكبير أن لا تنظر إلى الخلف؟ يبدو أنني سأتناول طعامي باكراً هذا اليوم و منذ زمن و لم اذق طعم بشري .. هل تغير الطعم يا تُرى؟
عندها بدأ غريب بالعدو هارباً منه وطارده الضبابي دون ملل أو كلل فهو لا يتناول طعامه سوى مرة في كل حين لا يأكل سوى البشر القادمين إلى هذا العالم ...
استمر غريب بالركض متجهاً نحو الغابة وما زال الضبابي يتابعه ويلقي عليه كلامًا غير مفهوم .. ولا يُفهم منه سوى أنه سيصبح وجبة طعام لذيذة بعد حين .
وفجأة تعثّر غريب بأحد الصخور التي تتواجد فجأة . وسقط على الأرض فانقضّ عليه الضبابي وغرس أنيابه على كتفه الأيمن ثم قام بضربه على وجهه ليوقفه عن المقاومة حتى هدأ واستسلم للأمر فليس بيده حيلة سيصبح طعاما لهذا الضبابي وستنتهي رحلته بهوية مجهولة...
وفجأة سمع الضبابي صوت السيد الكبير غاضباً :
-          ابتعد عنه الآن .. لم يحن وقتك لالتهامه بعد و لم أأمرك بذلك ... اصبر فسأقدمه اليك على طبق من فضة ... ولا تعلم ربما سيأتيك على قدميه راجياً أن تأكله ..
توقف الضبابي عن تناول وجبته اللذيذة الفاخرة لحين موعدها المقرّر من قبل السيد الكبير ..واعتذر منه لأنه قد خالف أوامره ولأنه قد تجاوز حدوده ولم يلتزم بالمواعيد الصحيحة لسير الأحداث ..وطبعا هذا الأمر لن يمضي بلا عقاب ...
فاحتُجز الضبابي مدة شهرين مُربّط بالسلاسل داخل كهف معتم لا يسكنه أحد ..ومُنِع من تناول أو شُرب أي شيء خلال هذه الفترة كلها أو لقاء أي مخلوق آخر في المنطقة.
استخدم غريب ورق الأشجار ومياه الجدول  ليغسل جرحه و يضمده  وقرر احتمال الألم فليس هناك من شيئ آخر يستطيع القيام به..
واستمر بالسير بالرغم من التعب والاعياء وضعف عضلاته لقلة الطعام حتى وصل أخيرا لِقمّة  الجبل..
-        -  حسنا ماذا يوجد بك أيّها الجبل حتى أُخاطر بحياتي لوصولك؟ مؤكد هناك الكثير من الأمور بالغة الأهمية ... يجب أن أبحث جيداً .. وبالفعل شاهد بًحيرة صغيرة على سفح هذا الجبل... 
-     -أيعقل هذا؟ و لم توجد بهذا المكان ؟و ما سِرّها ؟
اقترب منها أكثر و لمس مياهها لقد كانت باردة ومنحته شعوراً جميلا بالنظافة والانتعاش .
-         أيجوز لي أن اغتسل بها ؟ كم أشعر بالرغبة بذلك..
فوضع القليل من المياه بين راحتي كفيه وراح يمسح على وجهه ... احسّ بالتألق والحيوية, نظر إلى سطح الماء  شاهد انعكاس وجهه .. هو يبدو أجمل من انعاكسه سابقا ..
         - يبدو أن هذه المياه أكثر سكونا من المياه المجاورة للكوخ ..فبدت بشرتي أجمل.
ثم أخذ القليل من المياه مرة أخرى ووضعها على جرحه ...وإذ بوخز شديد يحيط بالجرح وكأن أحدهم يدخل إبرة ويخيط بها جلده ..وأغمض عينيه وبدأ بالصراخ من شدة الألم .. استمر الألم و البكاء مدة لا تزيد عن خمسة عشر دقيقة وما زال صراخه يعلو أكثر فأكثر ... إنّها النهاية هذا ما أعتقده ..
انسحب الألم من جسده رويداً رويدًا و ذهب وكأنه لم يكن , ثم فتح غريب عينيه ببطء شديد خوفًا من رؤية شيء لا يسره .. و التفت إلى جرحه .. وغرابة الأمر هنا أنّ الجرح لم يعد موجوداً وإنما وجدت رسمة لزهرة الغلاديلاس بدلاً منه .. 
تراجع غريب بسرعة الى الخلف فسقط أرضا من هول المفاجأة ..
-      أين الألم و أين جرحي القبيح! ... و من رسم هذه الزهرة هنا؟ .. هذا المكان غريب جدًا عليّ الهرب بسرعة ولكن أين وكيف؟
أُصيب بالتوتر الشديد لما شهده من أحداث وبدأ بالتنفس سريعاً .... واستمر بهذه الحال .. حتى عاد لطبيعته .. وتذكر أنه هنا للحصول على هذه الزهرة وعبيرها ورسمة الزهرة تلك ليست سوى دليلاً على أنه يتجه بالمسار الصحيح للوصول اليها ..وهذه المياه فيها سر خطير سيساعده بالكشف عن الحقيقة ....
   
 فاقترب من المياه و حاول ملء قميصه بالقليل منها لكنه قد امتص الكميّة كلها ...
-         ماذا سأفعل الآن كيف سأحمل هذه المياه طيلة الطريق فليس معي ما أحملها به؟
توقف قليلا للتفكير وسمع صوت السيد الكبير :
-         لقد وعدتك أن أساعدك.. ليس عليك سوى مسح عينيك بهذه المياه والعودة الى حيث كنتَ سابقا .
التزم غريب بما قاله العنكبوت خوفا منه أولا ثم للرغبة القوية لمعرفة سر هذا الغموض الذي يعايشه هذه الفترة .
وأمسك الماء بيديه وبدأ بمسح عينيه بالماء مرة واثنان وثلاثة ومن شدة طاعته للسيد الكبير لم يستطع التوقف فاستمر بمسح عينيه جيدا بالماء ..حتى توقف عند مغيب الشمس...
و قرر العودة الى شلال الماء من حيث انطلق ...
  
يتبع ...
       














تعليقات

المشاركات الشائعة