رحلة غريب (الجزء 8)

رحلة غريب (الجزء 8)
 رحلة غريب 
الفصل الخامس
ِ
في المشفى و بالقرب من سرير الرجل 
يقول علي مخاطباً ليلى :
-         يجب أن أذهب للمنزل الآن فأنا متعب جداً وسآخذ قسطاً من الراحة و أنت كذلك يا ليلى ,سأضع شخصًا آخر ليحل مكانك واذهبي للمنزل لترتاحي قليلاً ..
-         حقا أشكرك فأنا بحاجة لهذه الراحة ..
-         و هكذا غادر الطبيب الى منزله وكالعادة دخل للاستحمام ثم لتناول بعض الطعام وبينما هو يستعد للراحة بعد يوم عمل متعب لمح جسماً سريعاً يمر من أمامه ,ثم اختفى . قام بفرك عينيه فيبدو أنها تهيؤات من كثرة العمل والإجهاد لساعات طويلة وفجأة سمع صوت ضرب قوي على باب الغرفة المجاورة لغرفته,أحسّ بالخوف قليلاً وقام بفتح أنوارالغرف جميعها فربما أحسّ بالأمان قليلاً ,لكنه ما زال يسمع دقات قلبه من شدة الخوف,ثم استجمع قواه وذهب إلى حيث مصدر الصوت وقام بفتح الباب بسرعة وهو مغمض العينين فعلى الرغم من شهرته كطبيب بارع إلاّ أنه لا يزال انساناً لديه مخاوفه الخاصة,التفت يميناً و يساراً ودار حول نفسه عدّة مرات ليجد مصدر الصوت لكن الغرفة كانت كما تركها باكراً لا يوجد بها أي شيء مثيراً للشكوك. فهمّ بالخروج وأغلق الباب خلفه ... كلا هو لم يغلقه تماما فقد عاد لفتحه قليلاً يبدو أنه قد لمح شيئا غير معتاد فقد وجد علبة موسيقية ملقاة على أرضية الغرفة ,لهذه العلبة قصة سأتطرق اليها بعد قليل ,فاقترب الطبيب منها ووضعها كما كانت سابقاً ثم أكمل طريقه خارج الغرفة متجها إلى سريره للنوم. وبينما يستغرق علي بالنوم  لشدة تعبه بدأت سلسلة الأحلام التي تراوده منذ أسبوعين ... يقف علي أمام مكان معتمٍ خالٍ من الناس ويسمع صوتاً من بعيد ..
-         أرجوك ابتعد عني .. لم أفعل شيئا حتى أُعاقَب.. أرجوك لا تضربني ابتعد عني أنا أكرهك . لا لا ... كان صوت طفلة صغيرة تستنجد,بحث علي جيداً عن صاحبة الصوت ولم يجدها ... وفجأة تظهر أمامه طفلة صغيرة يبلغ طولها 90 سم تقريبا وتبدو نحيلة بعض الشيء .. تبدأ بالبكاء والصراخ في وجه علي : لماذا لم تساعدني يا عم؟ ألم تسمع صوتي؟... أنا أكرهكم جميعاُ وأحضرت سكينا كبيرة و قامت بغرسها في علبة صغيرة تحملها ثم اختفت ... استيقظ علي مفزوعا من هول ما رأى بالرغم من تكرار هذا الحلم إلاّ أنه يخاف كل مرة أضعافاً مضاعفة من خوفه في المرة السابقة ..
-         ما سرّ هذه العلبة؟ و لما يتكرر هذه الحلم دائما ! يجب أن أتخلص من هذه العلبة فيبدو لي  انها ملعونة  ..و لمَ أتيت بها إلى هنا ؟ كان علي أن أتركها مرمية بجانب ذاك الحذاء الصغير ..لكنني أُعجبتُ بصوت الموسيقى يا لي من مغفل!
 كان الوقت فجراً وعليه أن يستعد للذهاب إلى عمله فقام مسرعا ليتناول فطوره وليستحم ثم ارتدى ملابسه مسرعاً لرؤية مريضه والإطمئنان عليه..
و هو في سيارته على الطريق استمرت الذكريات تباغته:
"في الشارع حيث وُجِد الرجل المجهول ,استمر علي بالسير ليجد شيئا ما يدل على أنّ المريض  كان يمشي في هذا الشارع.. لكنه لم يجد شيئا واستمرّ بالسير حتى وصل طرف منحدر ورأى من بعيد شيئا يلمع على الأرض فاقترب قليلا واذ بحذاء طفلة صغيرة مرمي و بجانبه علبة فأمسك العلبة وقام بفتحها وظهرت دمية فتاة راقصة تدورعلى أنغام موسيقى جميلة انسجم علي مع الموسيقى و بدأ بالدندنة ناسيا الحذاء الصغير ووضع العلبة في حقيبته وسار عائداً الى منزله ".
انتبه علي إلى أن الاشارة قد أصبحت خضراء وعليه بالتحرك فكل السيارات خلفة تطلق زواميرها منزعجة من التأخير الذي سببه علي..
-         كيف لي أن أشرد بذهني الى تلك الحادثة وأنا اقود السيارة؟ يجب أن أكون أكثر حذرا.. كان من الممكن أن أُصاب بحادث لا قدّر الله ..لكن لماذا لم التقط الحذاء ولماذا لم أبحث عن صاحبة هذا الحذاء في ذلك الوقت؟
وصل علي للمشفى و دخل إلى غرفته ليرتدي ثياب العمل وليجهز نفسه لمرضى هذا اليوم .. وقبل أن يباشر العمل دخل إلى غرفة الرجل ليطمئن على حاله ووجد ليلى تجلس بجانبه تأخذ القراءات اليومية ...
-         صباح الخير ليلى.
-         صباح الخير دكتور .
-         كيف أصبح مريضنا هذا اليوم ؟
-         الحال كما هي .. لم يتغير شيء منذ ايام ..
-         حسنا لا تغفلي عنه رجاءا ..
-         لا تقلق فأنا أقوم بواجبي على أكمل وجه .
-         أشكرك سأذهب لمناقشة الأطباء بالحالة..
عاد الى غرفته ليبدا اتصالاته فوجد صديقه معتز يجلس على المكتب منتظراً إيّاه..
-         صباح الخير دكتور علي.
-         صباح الخير يا صديقي ماذا تفعل هنا؟هل أنت مريض أم ماذا؟ تعال لنقوم بالفحوصات اللازمة ..
-         كلا .. أتيت لأخبرك بشيء ما...
-         ماذا تكلم ؟؟
-         لا أدري ما أقول ...
-         هيا تكلّم لا تخفني...
-         شاهدت البارحة حلماً مزعجاً ...
-         حُلم!!
-         نعم ... هو يشبه ما تراه دائما أنت في منامك ؛أحلامك المكرره تلك ... لكنني رأيت شيئاً إضافياً ...
فتح علي عينيه على سعة وبدأ بالتركيز لما سيقوله صديقه ..
-         و ما الشيء الإضافي تكلّم ...
-         بعد أن غرست الطفلة السكين في العلبة فُتِحت العلبة من تلقاء نفسها وبدأت الدمية  ترقص و تدور على أنغام هذه الموسيقى والعلبة تشبه تماماً العلبة التي تخبئها في غرفتك ... بنية اللون والدمية الراقصة ترتدي زياً وردياً جميلا والموسيقى تبدو مألوفة جداً ... نعم هي نفس الموسيقى التي تصدر من علبتك الموسيقية .... هذا ما أخافني بالحلم .. 
-          لا يبدو لي حلماً مخيفاً ثم إنّ هذه العلب تتشابه لا يعقل أن تكون مرتبطة بالحلم ... أو حتى بالحذاء.... ثم التزم الصمت.
-          اي حذاء؟! تكلّم ... هل كان حذاءاً لامعاً أحمر اللون؟ هيا تكلّم ..
شعر علي بالخوف قليلاً :
-         وكيف عرفت لون الحذاء الذي تكلمتُ عنه .
-         الفتاة التي كانت بحلمي كانت ترتدي فستاناً اسودًا و حذاءًا أحمر لامع ..
-         أرجوك توقف ...
بدأ الطبيب علي يفكر ويربط باقي الأحداث معا ..
-          أيعقل أن تكون لهذه الأمور صلة ببعضها ؟ و كيف أنّ معتز قد حلمَ  بما حلمتُ به و هل شاهد العلبة ذاتها حقا ! أيعقل ذلك و بالنسبة للحذاء فأنا لم أخبر أحدًا عنه مسبقا !! لا ....يجب أن أفهم ما يجري من حولي...

اتجه الطبيب مسرعاً  نحو جهاز الحاسوب و قام بتصفح المواقع بالبحث عن أحلام مشابهه و تفاسيرها أو تجارب لأناس حقيقيين أو بعض الأحداث نادرة الحدوث فقد  يجد أي تفسير لما حدث وللأسف ليس هناك أي شيء مشابه لكن وقبل أن يغلق الموقع شاهد رسالة تنبيه كالعادة في جهاز الحاسوب .. احذر الفيروس .. خاف علي كثيراً على جهازه وعلى المعلومات التي بداخله وحاول استخدام مضاد الفيروسات لحمايته لكن الجهاز بدأ يصدر وميضاً مؤلماً للعين وبدأت صوت الموسيقى تخرج من السماعات ..نعم صحيح ما تفكر به ؛هو صوت موسيقى تلك العلبة.ارتعب علي كثيراً لما يحدث و لمَ يسمع هذه الموسيقى وبهذا الوقت؟أراد علي إغلاق الجهاز حتى لا يحدث أي شيء مريب بسبب هذه الموسيقى .. لكن ظهرت بعض كلمات على الشاشة .... و كانت : "لماذا لم تبحث عني؟ .... أنا صاحبة الحذاء" !
ازداد الوضع ريبةً و خوفًا و لم يستوعب علي ما يحدث وما سببه فنادى صديقه ليرى الكلمات ولكن عند دخوله الغرفة حُذفت تلك الكلمات من تلقاء نفسها ..
فأخبر علي صديقَه بما حدث ... لكن لم يصدق معتز أي شيء مما قال وأخبره أنّه كان متعبًا كثيرًا هذه الفترة ويبدو أنها تهيؤات وأنّ دخول هذا المريض إلى حياته قد سبّب كركبة في الأرجاء فعليه أن يتخلص منه بأسرع وقت أو أن يترك علاجه لطبيب آخر من خارج المستشفى  ..
وافق علي على الفكرة فقد يريح عقله قليلا ويأخد إجازة خارج البلاد لعله يرتاح من ضغط العمل ...
و بالفعل تواصل علي مع مشفى آخر وقام بدفع الرسوم كافة وأخبرهم بحالة المريض وبأنه مضطر للسفر وبأنه يثق بهم كثيرا لعلاجه,وهذا ما حدث حقا .

        سافر علي بعدها إلى الهند تاركًا قصة ذاك المريض خلفه عسى أن ينسى الأحداث التي مر بها ,وبينما هو هناك مر من منطقة تبدو وكأنها غير مأهولة فدبّ الرعب في قلبه .. هل أتيت إلى الهند لأُخيف نفسي أم لأنسى ما أصابني ... ثم رأى رجلاً يجلس على الطريق فناداه :
-         هي أنت ... تعال الى هنا بسرعة !
اقترب علي منه وقد استغرب لأنه يتكلم لغته وبلكنة جيدة نوعاً ما... و سأله:
-         كيف لك ان تعلم لغتي؟
-         لأنني علمتُ من أي مكان جئت وما سبب مجيئك..
-         دُهش علي لما سمعه من الرجل و خاف قليلاً .. و قال :
-         و ماذا تعرف عني ؟
-         لن أُخبرك سوى أنك قد أخطأت بمجيئك إلى هنا  فاذهب وساعد تلك الطفلةّ!
أسرع علي بالإبتعاد وأخذ سيارة أجرة وانطلق باحثاً عن فندق ليمكث فيه,فهو مشعوذ لا غير ولن يصدق كلامه فيبدو أنه قد ألّف قصة الفتاة تلك ليخيفه فعلي يؤمن بالمصادفات كثيراً .. نعم هي صدفة أنه قد  تكلم عن فتاةٍ يهرب منها علي في هذه اللحظة !
حجز علي أسبوعا كاملاً في غرفة فندق .. وذهب إلى غرفته لينام قليلا من تعب السفر,وبينما هو في نومه عادت أحلامه من جديد ولكن قد أُكمِل الحلم هذه المرة ؛إنه حلم معتز بكل تفاصيله فاستيقظ علي من نومه لا يدري ما يفعل لقد زادت تلك الصُدَف عن حدها ويجب أن يكون لها تفسير, ثم اتجه نحو الهاتف وقام بالإتصال بصديقه ليخبره كل شيء وعندما رُفِعَت السماعة قال:
-         ألو , أيمكن التحدث للسيد معتز؟
-          كلا , لا يمكن .... ثم أُغلق الخط ...
استغرب علي لما حدث فربما قد أخطأ بالرقم ثم عاود الاتصال .. فقام أحدهم برفع السماعة ليجيب  :
-         ألو , لو سمحت أريد التحدث للسيد معتز. 
-         - نعم ... تفضل انا مدبرة المنزل,اعتذر منك لا تستطيع التحدث مع السيد معتز فقد أُصيب أمس بحادث سير وهو الآن في المشفى وحالته صعبة جدا.
أغلق علي الهاتف وهرع مسرعاً إلى المطار للعودة إلى بلاده .. هو لم يمكث في الهند سوى يومًا واحدًا يبدو أنه قد قُدّر له أن يبقى بلا راحة طيلة عمره ... لكنّ صديق طفولته أهم من كل شيء ويجب أن يذهب للإشراف على علاجه ...
  
            حجز علي أول رحلة للعودة إلى بلاده ..وكان ممتلئا بالمشاعر المتناقضة بين رغبته بالوصول سريعا لرؤية صديق الطفولة وبين تلك القصة الغامضة المحيطة به وعدم رغبته بالتعرض لأي أحداث جديدة قد تخل براحته .
و أخيراً بعد رحلة طويلة وصل علي إلى بلاده و ذهب إلى المشفى مباشرة حيث يمكث معتز وتوقف عند موظفة الإستقبال :
-         مرحبا ... إذا سمحتِ اخبريني في أي غرفة يمكث السيد معتز أحمد؟
بدأت موظفة الإستقبال بالبحث عن إسم المريض في سجلات المرضى في جهاز الحاسوب ..لكنها لم تجد أي إسم مشابه  ..فقالت :
-         ما الإسم مرة اخرى .. فربما  قد أخطأت !
-         حسناً...إنّه  معتز أحمد وهو صديقي, لقد جاءني اتّصال البارحة بأنّه في هذا المشفى وأنّه قد أُصيب بحادث..
-         لكنني لا أجد هذا الإسم ضمن مراضانا ..
-         حسنا ألا يوجد حوادث سير أخرى  في ذلك الوقت ربما لا يعرفون اسمه ..
عادت موظفة الإستقبال للبحث في جهاز الحاسوب لكن دون أي فائدة ..
-         كلا معظم حالاتننا كانت لنساء وأطفال تحت سن السادسة عشر ..
-         هذا لا يعقل !! أعاد معتز لمزاحه الثقيل مرة اخرى؟ لقد تجاوز حدوده فعلا .
ثم ذهب علي مسرعاً إلى منزل معتز فقد حاول الوصول إليه في الهاتف لكن دون جدوى .. وعندما وصل طرق الباب .. ففتحت له مدبرة  المنزل ... و قالت :
-         اوووه سيد علي .. أهلاً و سهلاً بك تفضل .. تفضل بالجلوس حتى استدعي سيدي ..
-         ماذا! وهل معتز في المنزل الآن ...؟
-         نعم انه يلعب التمارين الرياضية في غرفة الرياضة ..
-         لكن ألم تقولي لي على الهاتف  بأنه أُصيب بحادث  وهو الآن في المشفى؟
-         انا ؟ لم ارد على أي اتصالات .. لقد كنت مجازة لمدة اسبوعين لأتجهز لزفاف شقيقتي الصغرى .. وهذا هو اليوم الأول لعملي  بعد الإجازة ..
-         هذا لا يعقل! .. لقد اتصلتُ البارحة وأخبرتني أنّ معتز قد أُصيب بحادث وأنّه في المشفى ويجب أن أصل على وجه السرعة ... وتعالت الأصوات  كثيراً بالنقاش
فهي تدافع عن موقفها وهو مصر على أقواله ...
فسَمِع معتز صوت صراخهما فنزل فوراً إلى غرفة المعيشة ..
تعجّب معتز لوجود علي في منزله فهما اتفقا على ذهابه إلى الهند ليريح أعصابه قليلا فاضطر للعودة ؟ وهل هناك ما يستدعي وجوده هنا هذه اللحظة ؟
فقال :
-         لماذا أنت هنا يا علي ؟ ألم أوصلك إلى المطار يا صديقي؟فكيف لك أن تلغي رحلتك و تعود ألينا ... هل اشتقت لي؟ هل تحبني لهذه الدرجة؟
-         أرجوك كف عن المزاح لقد اتصلت البارحة بمنزلك وردت عليّ مدبرة المنزل و أخبرتني أنك لست هنا و إنما في المشفى لتعرضك لحادث وقد جئتُ على وجه السرعة خائفاً عليك ... و الآن أنت تمازحني بهذا المقلب السخيف؟ فقد دفعت ثمن التذكرة وثمن الفندق مسبقاً والآن قد أُلغي كل شي ولن تعود لي النقود أبدًا .. لماذا مازلت مستهترًا كأيام طفولتك ؟
-         تريث قليلا فنحن لم نكن في المنزل البارحة لقد ذهبنا جميعا لحفل الزفاف ؛فقد وُجّهت لي دعوة أيضًا من قِبًل شقيقة مايا مدبرة المنزل ولم أحب أن أخيّب ظنّها و ذهبت إلى الحفل .
رد علي باستغراب :
-         و من الذي رد على الهاتف اذن؟
-         لا يعقل هذا فقد كان المنزل مقفلاً و لم يدخله أحد البارحة وقد وصلنا جميعا إلى المنزل هذا الصباح ...
-         لكنني متأكد من صوت مايا جيداً .. فأنا أعرفها منذ الطفولة ولن أُُخطئ بصوتها أبداً..
-         يبدو أنك كنت تحلم يا صاحبي فهذا لا يعقل!
-         حسنا ربما لا أدري !
-         لكن أخبرني لماذا اتصلت عليّ هل حقا اشتقت لي يا حبيبي ؟
-         يكفي مزاحا أرجوك .... فأنا الآن أخاف كثيراً من نكاتك هذه فقد تصبح نقمة علينا ..
-         ماذا هناك؟ تكلم ؟ أرجوك لا تكن متعصبا وغاضبا طيلة الوقت ..
-         اتذكُر الحلم الذي أخبرتني به ؟
-         نعم أذكره تماما و كأنني أُتابع فيلما سنمائيا كنت قد تابعته مراراً و تكراراً ...
-         نعم لقد حلمت نفس الحلم يا معتز ولم أعد اؤمن بالصدف وأنا جدًا خائف ..
-          و هل كانت تلك الطفلة ترتدي ذلك الحذاء ؟
-         نعم هو الحذاء الأحمر بعينه وعلبة الموسيقى تلك !
-         دعنا نذهب لمنزلك للتفكير فقد نجد حلًا لهذه القصة الغامضة .. و بنفس الوقت سأتناول بعضاً من  الشراب اللذيذ منزلي الصنع الذي تخبئه في ثلاجتك .
-         حسنا فلننطلق إذن ..
ذهب الإثنان إلى منزل علي و ذهب معتز مباشرة نحو المطبخ ليتناول ذاك الشراب من الثلاجة و بدأ بالشرب لكن الزجاجة سقطت من يديه و كسرت ثم سكبت على الأرض .. فهرع معتز نحو الممسحة ليخفي آثار جريمته فهذا الشراب من صنع والدة علي وهذا شيء مقدس بالنسبة له .. عاد إلى حيث الزجاجة المكسورة فوجدها كما كانت صالحة لا خدش فيها وحولها قطرات الشراب تتحرك و تجري مكونة بعض الكلمات ... " أين علي؟ ألم اطلب منه إنقاذي؟"

أُصيب معتز بالدهشة والذعر لما حدث و بدأ بالتفكير
-         هل هذه تهيؤات ؟ يبدو أنني في حلم ؟ فبدأ بقرص نفسه لعله يستيقظ ..
جاء علي بهذه اللحظة لما سمعه من كسر الزجاج و استفسر قائلا .
-         ماذا حدث ؟ ولماذا أجد شرابي على الأرض ! اتمازحني ما هذه الكلمات ؟!
" لماذا تركتني أُُعاني ؟ "
فزع معتز لتغير الكلمات في لحظات قصيرة ..
-         لكن الكلمات قد تغيرت .... لقد كُتب قبل قليل " أين علي؟ ألم اطلب منه انقاذي؟ "
و الآن قد تغيرت بـ"لماذا تركتني أُعاني ؟"
-         هل أنت واثق مما تقول أم أنك تداعبني كعادتك و تقوم بمقالبك السخيفة مرة أخرى؟
-         لكن يا صاحبي أنا لم اقم  بأي مقلب منذ ثلاث سنوات وأنا الآن رجل بالغ فلماذا استمر بهذا الشيء؟
-         حسنا سوف أذهب لغرفتي قليلا وأبحث عن تلك العلبة.
اتجه علي إلى غرفته ووجد العلبة ملقاة على الأرض و تُعزف الموسيقى بصوت منخفض ...
-         لا ! هل تعطّلت يا تُرى؟
قام برفعها وتعجب لأن العلبة تنقصها الدمية الراقصة .. أين ذهبت تلك الراقصة وردية الثوب؟ لقد كان المنزل مغلقاً يومين متتاليين وقد تُرِك كل شيء على حاله وكانت الدمية في مكانها  أين ذهبت؟ و هل هناك من دخل المنزل بعد غيابي؟

زادت التساؤلات في مخيلة علي ولم يجد أي إجابة ..

يتبع ...





تعليقات

المشاركات الشائعة