رحيم ( الفصل الأول )


رحيم
مقدّمة
     عزيزي القارئ,أنا لن أُجبرك على قراءتي و لن أُحاول أبداً إقناعك بذلك! فكل منا لديه العقل والمنطق لاختيار ما يريد القيام به لكن ليس كل منا يعلم كيفية استخدامهما..باستطاعتك أن تقرأني بملء إرادتك وبإمكانك إلقائي بعيداً متجنبًا قراءتي,لن يفيدني شيئًا إن قرأتني أم لا.
    فأنا كتاب خيالي وضعت من رأس كاتبةٍ تهوى الخزعبلات والأمور الغامضة,فإن كنت من هواة العلم والفلسفة وتطوير الذات وغيرهم من المواضيع المهمة والثمينة.أرجوك لا تقرأني فلن أُعجبك أبداً.لا أريد إزعاج الكاتبة  فهي ليست سوى إنسانه أَخرجت ما في جُعبتها من حروف وشكّلت بها كلمات هذا الكتاب ووضعته أمام يديك , لم يكن هدفها ماديُا ولا إقناعك بأمور صعبة الحدوث لكن الخيال في بعض الأحيان قد يضمحل إذا لم يوثّق وهي تُعتبر كل شيء يتسلل من رأسها الصغير بمثابة جوهرة ثمينة تخاف أَن تفقدها .
     والآن أتوجه بكلامي لمحبي الخيال,ما رأيكم أن أعرض عليكم صفقة ؟!
قد تسميها صفقة العمر,أو سمِّها ما شئت.
و للصفقة بنود كما تعلم,وأعتقد أنه لن يُعجبك أن يكون هناك بنود وشروط...
حسنا لن أُطيل الكلام.فالكاتبة كما ترى ما زالت هاوية ومبتدئة لكنها محبه للأمور المريبة الغامضة المثيرة للشكوك...وتتمنى أن تكتب يوما مواضيع أخرى...كالحب...والوطن...والحياة الاجتماعية...وغيرها من أمور.
فما عليك سوى أن تقرأ الكتاب كله وإن قمت بذلك ستقوم الكاتبة بمحاولات أخرى للكتابة بمواضيع جديدة وهكذا ستطور من موهبتها أمّا أنت فستكسب أجر المساعدة..
نعم أعلم...سوف تستفسر...و كيف لها أَن تعلم إنهاءك للكتاب مِن عدمه ؟
لا تخف فهناك من سيتابع قراءتك بتفاصيلها..متى أَسرعت بالقراءة...ومتى قرأت بتركيز...وعندما استمتعتَ...وعندما مللتَ...وحين ضياعك بين الأفكار... فصديق الكاتبة هو عينها البعيدة...صديقها...رحيم !
 الفصل الأول
      يبدو أنّ وقت الوداع قد حان,وصوت النحيب عم أنحاء البلاد,واغرورقت عينا السماء حتى ما عادت تحتمل حبس دموعها,وأمّا زئيرها المخيف فإن له وقعاً آخراً مما دبّ الرعب في نفوس كبار البلاد قبل صغارها,وأمّا الأشجار فما كان لها إلّا أن تنحني كئيبة وحزينة على مصابها؛رحيل يارا الشابة اليانعة بيضاء الوجنتين وساحرة العينين و صاحبة الثغر الباسم ذات العشرين ربيعا, بعد أن أُُصيبت بعيار ناري في أحد الإحتفالات, كانت يارا و ما زالت حديث البلد بعفتها وحسنها اللذان ما كانا سوى نقمة أصابتها ,وحملت يارا في أحشائها جنينها التي أبت أن تعلم ما إن كان صبياً أو فتاة,وبالرغم من ذلك وخلال الأشهر التسع فقد أحبته وأسمته "المنقذ",حتى جاء اليوم الذي وضعت به طفلتها الأولى وهو اليوم الذي أُعلِن به ساعةَ وفاتِها نتيجةً لذلك العيار الناري الطائش,لا تدري هذه الطفلة المسكينة ما ذكرى هذا اليوم بالنسبة لها ؛هل هو ذكرى ميلادها أم ذكرى وفاة والدتها ,أو هو اليوم الذي وُجِدت به وحيدة في عالم لا يخلو من الخبث والكَيد!
     الطفلة "حياة" كانت من أجمل أطفال الحيّ وأشدّهم دهاءً فهي و الرغم من صغرسنها قد سُميت "فِطنة" فما من مشكلة إلاّ ووجدت لها طريقًا للحل...
عاشت حياة بلا أم أو أب في منزل صغير جداً فيه غرفتان إحداهما غرفة للكتب قيل لحياة أنّها مُلك لوالدها أمّا الغرفة الأخرى لحياة  تكاد تفتقر للأثاث فليس فيها سوى سرير صغير ولوحةً معلقةً وخزانةً ضيقةً جداً لقلّةِ ملابسِها... وكانت هذه الغرفة باردةً وجدرانها رطبة شتاءً وحارة جداً صيفاُ,أمّا نافذتها فقد كانت صغيرة وخفيفة حيث إذا هبت ريحٌ قويةٌ اقتلعت زجاج النافذة ودخلت إلى الغرفة كإعصارٍ قويّ مخيف وتصبح حياة خائفة مدّثرة بغطاء السرير باكيةً ؛فصوت الرياح القوي ما هو في مخيلة حياة إلاّ وحوشاً تتعارك معاً لدخول غرفتها لاصطحابها معهم و للاستيلاء على ممتلكاتها القليلة و قد رُبّيت حياة من قٍبَل إحدى الجارات وازدادت التساؤلات في رأسها الصغير يومًا بعد يوم حتى أُصيبت بالحيرة فهي تعلم تماماً من هي والدتها لكنها لم تسمع شيئا قط عن والدها واستمرت هذه الحيرة حتى أصبحت حياة ابنة الخامسة عشر فتخلت عنها من قامت بتربيتها مختفيةًً خارج البلاد, حينها أصابتها سهام الإتهامات من كل صوب وكم من يوم مر وقد أُشيرً لها بالبنان وتهامُس الجيران...وما أن بدأت الإشاعات تتنقل بين ألْسِنةِ النّاس :"انها فتاة من عالم الجن ","بداخلها روح شريرة ","أتمنى أن لا تخدعكم بجمالها الفتّان ","لا أظن أن والدها من جنس البشر فنحن لم نره مسبقا "وغيرها من الأقاويل والإفتراءات التي لم تكد تنتشر بالحي حتى أصبحت حياة من الاشخاص الذين يهابَهم الجميع ومن الناسِ من كان يتجنب لقاءها أويغير مسارَ طريقِه كليًا خوفا من الإحتكاك بها,لم تعلم حياة من كان خلف هذه الإتهامات ومن تجرّأ على نشرهذه الشائعات و قد تركت أمرها للخالق فهو المنقذ والصديق وقت الشدة .
        وقد مرت الأعوام حتى أصبحت حياة في السابعة عشرمن عمرها وعاشت حياتها وحيدة كما كانت سابقا...فليس هناك ما يعوض غيابَ الأم كما نعلم ! كانت حياة و ما زالت تلك الفتاة الذكية التي إن لجأ اليها أحدهم باستشارةٍ ما لم تردّه خائباً بالرغمِ من الهالةِ السلبيةِ المحيطةِ بكل مَن حاولَ التحدث اليها.
كانت تتغافل عما قِيلَ عنها وما يفكّر به الآخرون .وكانت على قناعةٍ تامّةٍ أنّ الذكاء التي مُنِحَته ليس إلاّ مساعدة من اللهِ للآخرين فلن تنظرَ لصغائرِ الأمور بالمقارنة مع أعمالِ الخيرِالتي تقوم بها فهي على درايةٍ تامةٍ بالرسالةِ التي خُلِقت لتقومَ بها...وهي لن تبدد وقتها بافتراءات من محضِ الخيالِ فلها أهدافٌ أسمى مما يتصوره العقل وأقوى من شائعات رقيقة سهلةَ التمزقِ وأجمل من لوحةٍ تَصِفُ الجمالَ الروحاني لملاكٍ منقذٍ قد عُلّقَت بغرفتها منذ الطفولة...
       وهكذا قضت حياة أيامها وسنينَ عمرِها حتى جاء رجلٌ مطالبٌ رؤيةََ حياة بإلحاحٍ...هو لم يكن من الحيّ كان غريباً ذو فكٍّ عريضٍ ووجهه مغطى بالشعر, طويل القامة وضخم الجثةِ,نعم أنت تفكّر بما أفكّر فيه فهو يشبه بائعَ البيض في قصةِ آن تشارلي! حسنا حسنا لنعود الى قصتنا يبدو أنني قد ابتعدت كثيراً عن موضوعنا وبالتأكيد لن ترغب بإضاعةِ المزيد من الوقتِ فأنا أعلم تماماً كم أنت في شوقٍ لمعرفةِ هذا الشخص و سبب مجيئه .

يتبع ...

تعليقات

المشاركات الشائعة