رحيم (الفصل الرابع)

            
 رحيم 
الفصل الرابع

 وخلال لحظات قصيرة وجدت حياة نفسها أمام الشجرة الخضراء نفسها.
-         ما الذي حدث الآن؟ أين عصابة قاتلي الفرحة التي كانت تلاحق "مين هو" و اين رجال الشرطة!
ثم التفتت إلى الشجرة فلاحظت أن القفل الثاني قد فُتح تلقائيا وما أن نظَرَت إليه حتى سطع شعاع قوي ومن شدة توهجه أغمضت عيناها وتعثرت وإذ بها تسقط في حفرة عميقة جداً.
-آآخ ,أشعر بالألم! كاحلي هذا لايحتمل! ما الذي جاء بي إلى هنا؟ و كيف سأخرج الآن! يبدو أنني قد تأثرت جدا بحديث ذاك الرحيم ومستعدة للموت لأجله,لو كنت في رواية رومانسية لاعتقدت أنّني وقعت في حب هذا الشاب ذو القرن من عمره!والآن ماذا أفعل؟
سَمِعَت حياة صوتَ بكاءٍ هادئٍ... تتبعت الصوت بخطواتٍ مترددة لأنّها لا تستطيع الرؤية بوضوح, بدأت تتحسس المكان حتى وجدت شيئاً صلبا كملمس الصخور و له فتحتان من الأمام.
-         أها , لا اعتقد انها كرة بولينغ ! من سيلعب البولينغ في هذا المكان المعتم ! يبدو أن رحيم قد أوهم نفسه عندما لاحظ ذكائي الخارق!
و ما زالت حياة تتحسس الشيء الصلب حتى بدأت بالصراخ !! (تفكر) نعم أعرفه جيدا .. نعم نعم ! له فتحتان بالمقدمة و فتحة كبيرة بالاسفل التي لها جزءان علوي و سفلي... تبا أراه دائما في مختبر العلوم,إنه العم فرج صديقنا الهيكل العظمي هو يشبهه تماما !
لا يعقل ان مختبر العلوم قد نقل الى هنا,الرأي الأرجح أنّ إنساناً مثلي قد مات و تحلل و ما بقي منه إلاّ ما يشبه العم فرج !
عندها أدركت حياة حقيقة الواقع و اشتد صراخها ...
(تعاود التتفكير)
-         لا هل هذا مصيرك يا حياة؟ لن تذوقي طعم الراحة بحياتك او حتى مماتك!
واستمرت بالنحيب وهكذا توقف صوت البكاء الهادئ  استمر بكاء حياة الصاخب ...إلى أن استرجعت أفكارها و تذكرت صوت البكاء الذي جعلها تتحسس هذه الجمجمة اولاً.
نادت :
-         هل هناك أحد؟ من يسمعني؟
سمعت صوتا رقيقا :
-         نعم أنا هنا , حمدا لله وجدني أحدهم.
تذكرت حياة أنها تحمل في جيبها الهاتف النقال  فأشعلت الإضاءة و ركزتها على مصدر الصوت و أمعنت النظر.( مؤكد انك تستفسر وكيف لها أن لا تستعمل الهاتف النقّال لطلب النجدة ! لا تقلق أيّها المحقق كونان فإن كتابتي هنا دقيقة جداً فالإشارة في تلك المنطقة ضعيفة جدا ولم تستطع حياة الاتصال بأحد!) هل اقنعتك ؟ارجو ذلك ...فلنعد لقصتنا اذن  ...
نظرت حياة جيدا وإذ بفتاة شابة جميلة.
قالت حياة :
-         لِمَ أنت هنا يا فتاة ؟ هل وقعت أثناء شرود ذهنك؟ أم كنت تقصدين لفت الانتباه فوقعتي متعمدة في الحفرة؟ لا لا,اعتقد انك تورطتي بشيء ما و عند هروبك سقطت هنا! ترى ما قصتك يا فتاة ؟
أجابت :
-         ما كل هذا الفرضيات! يا لخيالك الواسع ! أعطني بعض الوقت للبحث عن إجابات في عقلي! يا لك من لحوحة بطرح الاسئلة!
-          اعتذر منك تفضلي أخبريني ما قصتك؟
-         حسنا ,كنت ألاعب كلبي واكوعندما جاء أخي الكبيرغيرالشقيق و أخبرني أن أمي بانتظاري في المطار لأنها اضطرت للمغادرة لظرف طارئ و لن أستطيع المكوث لديها في عطلة نهاية الاسبوع,  كان يوماً حافلاً بالمناسبات فقد غادرأبي لحفل افتتاح مؤسسته الجديدة " الأخوة للعقارات " و لم يسمح لي بالحضور فقد كنت أتجهز لاختبارات الثانوية العامة و زوجة أبي كانت برفقته,أما أختي غيرالشقيقة فقد كانت في رحلة مع زملائها في الجامعة و لم يبقَ بالمنزل سوا أنا و أخي "سرحان", وسرحان كان في عمل قريب وعندما أنهاه جاء إلى المنزل طالباً مني مرافقته لرؤية امي قبل رحيلها.
وما أن خرجت معه حتى أُصِبت بالدوار واستسلمت للنوم وعندما استيقظت وجدت نفسي بهذه الحفرة هنا, ولم أستطع الخروج منها...ولا أدري كيف وصلت إلى هنا!
مؤكد أن أخي في مأزق كبير الآن وإلاّ لما تركني في الحفرة دون مساعدتي بالخروج ,كم اشعر بالقلق عليه!
عادت الفتاة للبكاء مرة اخرى حتى اوقفتها حياة قائلة:
-هوّني على نفسك وأخبريني باسمك أولاً  فأنت لم تعرفيني عن نفسك.
- اسمي رقية وأنت ما اسمك؟
- أنا حياة,تشرفت بمعرفتك.
- وانا كذلك.
- حسنا لا اريد التسبب لك بالحزن لكن يبدو أنّ قصتك تفتقر للواقعية قليلة!
تسمّرت رقية في مكانها وكأنها قد صُفِعت...
- ما الذي تتفوهين به! و ما الشيء غير الواقعي بقصتي؟ و ما أدراني إن كانت واقعية أم لا فأنا لا أعلم ما حدث لي و لم أنا هنا معك؟!
- هدئي من روعك قليلا. وانظري إلى رسغيك و كاحليك هناك أثرواضح لشيء قاسٍ كالحبل قد لُف و شُدّ عليهما بقوة انظري اليهما جيدا...
أجابت :
-         آآه حقا هذا صحيح...غريب جدا!
-         ليس غريباً ابداً...والآن اخبريني عن علاقتك بأخوتك غيرالأشقّاء ووالدك وزوجته ووالدتك ايضا...
-         حسناً نحن عائلة مثالية بالرغم من الظروف الصعبة و الإنفصال الذي حدث بها... أبي تزوج بأمي اولاً لعدة سنوات و لم تنجب منه ثم تزوج بـ"السيدة راقية " حتى ينجب أطفالاً منها وبالفعل أنجبت زوجة أبي طفلين و هما  سرحان و مليكة وبعدها بعامين حَملت امي و انجبتني إلى هذه الحياة...و لم تستطع أمي احتمال فكرة أن يشاركها احدهم وقت والدي فطلبت الطلاق و بعدها تم الانفصال وهكذا أصبحت اقضي أيامي عند أبي والعطلة اقضيها عند امي...
-         وماذا عن سرحان...؟ هل يحبك؟ هل تقضيان وقتًا طويلاً معا؟
-         أحب سرحان و كأنه أخي الشقيق فهو لطيف جداً ويلاعبني طيلة الوقت ويحضر لي الكثير من الهدايا والكتب ويصطحبني إلى كثيرٍ من الحفلات و الرحلات بعكس مليكة فهي دائما تغضب لوجودي في حفلات صديقاتها إلاّ أنها طيبة القلب لا أستطيع الحكم عليها من حفلة مثلا!نعم هي تحبني و الأخوات يتعاركن دائما هذا ما اعرفه...أما أبي فهو يفضلني عن الجميع!
-         وزوجة ابيك؟ السيدة راقية؟
-         امرأة جذابة جدا وحتى أنها أجمل من والدتي الحقيقية وأنا الآن أُحاول التحدّث بموضوعية,هي ليست أمي لكنها حنون وعطوف تحبني كما تحب مليكة تماما ولا أرى اي فرق بيننا...
-         ألا تخبريني ما حدث قبل وقوعك بالحفرة؟
-         بلى شعرت بالدوار حتى أن أخي قد شعر بالدوار أيضاً وتوقفنا قليلاً على مفترق طرق و إذ فجاة وجدت أخي قد سقط مغشيا عليه وبجانبه علبة العصير التي شربنا منها سوياً وما أن حدث ذلك حتى أحسست بالدوار وتثاقلت عيناي و لم استطع رؤية شيء و استسلمت للنوم و بعدها وجدت نفسي هنا ...
-         اها فالمشكلة بالعصير اذن...
-         العصير! هو أحد منتجات مصنع والدتي الخاص بالمشروبات,أحضرت لنا عينات للتجربة و كانت ستغادر البلاد لتفتتح المصنع وأرادت أن تراني فقد يطول غيابها فكما تعلم ستكون لديها العديد من المهمات في بداية المشروع و يجب ان تبقى لتديره جيدا...
-         إذن لماذا لم تطلب من سرحان أن يدير المصنع بدلا منها؟
-         سرحان ما زال طالبا و لن يقبل بهذا المنصب...
-         لماذا؟
-         العلاقة بينهما متوترة بعض الشيء أعتقد أنها لا تحب فكرة ارتباطي القوي بأخي سرحان! لكن لا يعلم ما في القلوب الا الله...
-         ونعم بالله.
(تنظر حياة الى يد رقية مستفسرة):
-         ما الذي تلفينه بيدك؟
-         انها ساعة من ماركة عالمية مشهورة قد اشترتها لي امي في عيدي الخامس عشر.
-         أأستطيع رؤيتها؟
-         نعم بالطبع, لك حرية ذلك...
-         ألم تلاحظي أن الساعة ليست أصلية؟
-         كلا لقد أخبرني البائع بأنها أصلية و أن الختم أسفل الساعة يدل على ذلك ...
-         لكن أين ذلك الختم؟ ليس هنا!
-         هذا غريب!انها ساعة اليد خاصتي و كيف لا يوجد بها ختم و قد رايته عند الشراء ..!
-         لقد رأيته عند الشراء  ليس الآن...
-         ماذا تقصدين؟
-         يبدو أن أحدهم قد استبدل ساعة اليد الأصلية بأخرى مزيفة لقصد اتهام شخص آخر ... وأعتقد أنه قد ترك دليل إدانته فأنت كما أرى شقراء ملساء الشعر وإني لأرى خصلة شعر سوداء مجعدة على حزام الساعة و يبدو أن الساعة قد علقت بشعر من قام بلف معصميك و كاحليك و ذلك بعد استبدالها بأخرى مزيفة...ولا يبدو كشعر شاب إلاّ إذا كان سرحان ذو شعر طويل اجعد!
-         كلا بالعكس سرحان قصير الشعر أملس و أشقر اللون ايضا...لكن !
-         من يا ترى ذو شعر اسود مجعد في منزلكم؟
-         والدتي واختي مليكة تشتركان بطبيعة ولون الشعر نفسيهما ولو لم أعرفهما مسبقا لكدت أجزم أنهما أم و ابنه...
-         إذن فقد وجدنا المشتبه بهما في قضية سرقة الساعة و خطفك ورميك حتى الموت...
-         اتعتقدين أن من يحبني سيؤذيني يوما؟
سمعت حياة صوت وقع اقدام أعلى الحفرة و بدأت بالصراخ :
-انقذونا...نحن هنا أرجوكم ساعدونا وأخرجونا من هنا.
إنه سرحان من كان قريبا من الحفرة و ما ان سمع صوت الإستغاثة حتى اقترب أكثر فأكتر من الحفرة ونادى :
-         هل هناك احد بالداخل؟
سمعت رقية صوت الفتى و ميّزته سريعا...
-         إنه أخي سرحان...قلت لك أن أخي يحبني ومحال أن يتركني في مأزق...
-         أخي سرحان أنا هنا أرجوك ساعدنا .
بحث سرحان عن شيء قوي لحمل اخته و الفتاة التي ترافقها,واصل البحث حتى وجد حبلا سميكا مرميا بين الاشجار و بآخره خطاف قوي.
استغرب سرحان من وجوده في مكان كهذا...و لكن ليس ذلك وقت الاستغراب فعليه انقاذ رقية.
    قام سرحان برمي الحبل و تثبيت الخطّاف بين صخرتين قريبتين من الحفرة والأمر
    الذي دعاه للتعجب مرة اخرى...
    ( يفكر )
-         حبل مربوط بخطاف! وصخرتين مثبتتين بجانب حفرة عميقة... و الحبل قريب من المنطقة و مخفي بشكل جيد بين الأشجار... يا للمصادفات!هل هي فعلا الصدفة أم هو فقط تدبير الهي لأجد رقية ! فالله قادر على كل شيء...ليس علي أن أسرح بمخيلتي الان. فمهمتي واضحة لقد وُجِدْت في هذه الانحاء لانقاذ شقيقتي ... هذا ما أعلمه في مثل هذا اللحظة...
      قام سرحان بإلقاء الحبل و تثبيت الخطاف بين الصخرتين ومن ثم طلب من رقية إمساك الحبل جيدا و بعد ذلك تمت عملية الانقاذ ...
-   أخي ليس هناك وقت أعتقد أن مليكة تخطط لمؤامرة ضدنا...
-   أختي مليكة!هذا مستحيل! لقد ذهبت في رحلة مع صديقاتها البارحة ولم تعد للان...
-         هل يعقل أن تكون أمي إذن؟
-         السيدة روعة!هذا محال.
-         إذن ما الذي جاء بي إلى الحفرة هذه  من سيقتلني انا و يتركك حي ترزق!أمن المنطق أن تكون والدتي انا؟ وها قد وجدنا خصلة من الشعرعالقة في حزام الساعة المزيفة ومن المؤكد سنجد الساعة الحقيقية وصاحبة الخصلة ...
خرج الجميع من الحفرة و قد قاموا بمعالجة كاحل حياة ثم اتفقوا على تنفيذ الخطة في منزلهم بعد إسبوعين حتى تهدأ الأمور قليلاً و حتى لا يشك أي أحد بهم .
         و بعد اسبوعين ...
طلب الأب من كل أفراد الأسرة الاجتماع في المنزل بحجة التعرف على حياة كمستثمرة جديدة في الشركة , وكانت والدة رقية من ضمن المدعوين طبعا.
تجمعت العائلة  ثم وصلت حياة -بعد أن ابتاعت لها رقية ثيابا فاخرة جديدة لتبدو القصة أكثر تصديقاً- إلى المنزل  الكبير الشبيه بالقصر إذ به  العديد من الغرف الواسعة والنوافذ الجميلة المزخرفة أما زجاج النوافذ كان يبدو لامعًا براقا لم تر حياة في عمرها كله جمالاً كجمالِ هذا المنزل أمّا الأثاث فقد كان من أفخم الأنواع وقد دُهشت حياة لدقة الرسومات على الحائط وروعتها وعدد اللوحات و الصور اللامتناهي على جدرانه فهي لم تمتلك سوى لوحة واحدة في بيتها كله , و قد أُعجبت بعدد الخدم في هذا المنزل فقد اعتادت على خدمة نفسها.
ثم قالت :
-         ربما أنكم رأيتم أنني ما زلت صغيرة بالعمر إلاّ أنني قد ورثت عن أبي أموالا طائلة و مخبرا جنائيا فأبي كان يعمل مع الدولة و بتصريح مني أستطيع و بكل سهولة القيام بتحليل الDNA  لأي شخص و بسرية تامة و طبعاً بعد أن أحصل على مبلغ مالي كبير...! يبدو أنني ورثت عن أبي نقوده و لكنني لم أرِث منه مبادئه بالعمل .. رحمك الله يا ابي ....
ردّ الوالد : حقا تستطيعين ؟ اذن باستطاعتك فحص DNA  لخصلة شعر لشخص مجرم أراد قتل ابنتي الصغيرة وسرقة ساعتها الثمينة ؟ آه لو أعلم من هو! هي ما زالت محتفظة بخصلة الشعراسفل وسادتها...
(في هذه اللحظات كانت والدة سرحان مختبئة بغرفة رقية لمراقبة الاوضاع )
وبعد دقائق معدودة فوجئت السيدة راقية بدخول مليكة غرفة رقية تنظر أسفل الوسائد وكأنها تبحث عن شيء مفقود و إذ بها تمسك الساعة المزيفة وخصلة الشعر العالقة بها...
     صرخت السيدة راقية و كلها نظرات لوم و حزن على ابنتها:
-         كيف تجرؤين على ذلك ؟ لم تقتنع شقيقتك بفكرة كونك قاتلة ,و قاتلة من؟ اختك الحبيبة الصغيرة ...
صاحت مليكة قائلة : أنا لم أفعل شيئًا .. لا شأن لي بهذه القصة ... انتِ تلقين الإتهامات عليّ بلا أي دليل...وانتِ يا أمي من تقومين بذلك!... لقد خدعتك رقية و أحببتها أكثر مني حتى أنك تتهمين بتتك الوحيدة بقتلها ... أي أم أنتِ ؟
( تعالت الاصوات في غرفة رقية حتى وصل الضجيج للغرفة السفلية ).
         هرع الجميع الى أعلى حيث غرفة رقية وصعدت حياة معهم إلى الغرفة وهي تدقق في جدران المنزل واللوحات المعلقة...
(تحادث نفسها )
-         منزل الأغنياء هذا بالرغم من فخامته و جدرانه المطلية بالألوان الزاهية ليس بأجمل من غرفتي المتواضعة بلوحة المنقذ المعلقة فوق سريري! فعلا ليس المال ما يعطي الاشياء  جمالا...)
 وبينما هي تصعد الدرج ملاحظة جدران المنزل شاهدت صورة فوتوغرافية لمليكة برفقة شاب ضخم ذو شعر اسود و اجعد طويل ..
سنعود الآن لحوار مليكة و السيدة راقية...
(في  غرفة رقية )
 اضافت السيدة راقية : غذن لم أتيت إلى الغرفة ولم بحثت عن الساعة؟ أم هل احسست بالخوف لاكتشافنا انك صاحبة الشعر...
-         محال أن أكون أنا فقد كنت في رحلة مع زملائي و من ثم كيف لي أن أخطط لكل ذلك وحدي و كيف بي أن أحمل رقية و ألقي بها الى حفرة وانا بهذا الوزن ؟ انني نحيلة يا أمي وليس باستطاعتي فعل ذلك... و بالنسبة لوقوفي هنا فأنا كنت ابحث عن عقدي الذي استعارته رقية مني البارحة... وإن لم تصدقيني قومي بالاستفسار منها...
  وهذا مؤكد ليس شعري فأنا لم أقم بذلك ....
وفي هذه اللحظة وصل رجال الشرطة و أفراد العائلة جميعا إلى الغرفة...
   سمعت حياة كل ما دار بينهما و قالت:
-         توقفي عن الكذب يا هذه ! أنت من خططتي لكل ذلك ... ذهبتي إلى الرحلة في الوقت المناسب لخطتك حتى يكون عامل الوقت دليلا على براءتك ...
فلأخبركم  بالخطة من الألف الى الياء... ما رأيكم أن تستمعو للقصة الحقيقية!
 : السيدة روعة لم تحضر عصيرا من مصنعها الجديد للتجربة ... فلن تفعل هذه الخطوة  قبل الافتتاح ليس من مصلحتها تسريب نكهة العصيرالجديدة قبل أن تفتتح المصنع ... فالسيدة روعة معروفة بحبها للنكهات الغريبة و ‘ن افصحت عن سر عصائرها الجديدة سوف يستغل منافسيها ذلك الشيء ... وهذا ما لاحظته عندما نظرت الى لوحات التكريم تلك المعلقة بالجدار لفوزها بعدة مسابقات لاختراع نكهات جديدة لعدة اطعمة حول البلاد...
قالت السيدة روعة: أي عصير هذا أنا لم احضر أي عصير لأحد!
اضافت حياة: هذا مؤكد فقد وُضع العصير الذي حقن بجرعة مخففة من المنوم  بالقرب من غرفة سرحان و معه رسالة مطبوعة بجهاز الحاسوب بأنك قد غادرت لافتتاح مصنعك و تطلبين منه تجربة هذا العصير مع رقية بينما هما يذهبان لملاقاتك في المطار و الوقت الذي كتب هو تمام الساعة الثالثة حيث يجب أن تكوني داخل  الطائرة بهذا الوقت فرحلتك كانت الساعة الثانية و النصف. ومن طبع هذه الورقة خشي أن يٌعرَف خط يده فاستخدم الحاسوب لذلك ..
-         اذن فقد تاكدو اولا انني في الطائرة لذلك لن يستطيع احد الوصول لي عبر الهاتف .. و انا بطبيعة الحال اسافردائما  دون اخبار احد فرحلاتي لا تطول اقصاها يومان فقط .. و لن اطلب احضار رقية لرؤيتي فهي معتادة على غيابي ايام العطلة ايضا و تبقى بمنزل والدها حتى عودتي ..
استمرت حياة بوصف الخطة:
-         أما بالنسبة لسرحان فقد كان أخا حنوناً لرقية و لم يكن كذلك مع مليكة فهي غريبة و متسرعة بتصرفاتها...وواضح بانها ليست على علاقة قوية برقية بالرغم من حب رقية لها و احترامها... فارادت توريط سرحان بقصة الخطف والقتل وسرقة الساعة  الثمينة... حيث أبدا سرحان دائما حبه لهذه الساعة فكما لاحظت على الصور الجدارية فإن أغلب الصور التي تجمعهما سوياً يرتدي بها سرحان تلك الساعة الثمينة... وهي قد تكون حجة لاتهامه بسرقة الساعة...
-         لكنه شقيقها الذي تحب فلن تقوم بقتله طبعا...فهي أرادت أن تموت رقية وحيدة لا يسمعها أحد في غابة او أن يقتات أحد الحيوانات المفترسة يوما ... أو قد تموت من الجوع حيث أن الحفرة عميقة و لن تستطيع الصعود منها إن لم يسمعها احد وطلبت المساعدة... لكن سرحان كان شديد الحرص على رقية و سار طريقا طويلا للبحث عنها حتى أنه قد دخل و توغل في الغابة التي يخافها الجميع في سبيل البحث عن شقيقته...كم احب العلاقة القوية بين الأخوة !
و أما بالنسبة لحَمل رقية والقائها داخل الحفرة... نعم لم تكن مليكة من قام بذلك فهي نحيلة جدا كما قالت... لكن شريكها في الجريمة هو من قام بذلك ...
( التفت الجميع لبعضهم البعض بحثاً عن هذا الشريك فقد تكشفه نظراته أو قد تبدو عليه ملامح الاجرام )
استمرت حياة بالحديث :
لا ليس بينكم ! فهو صاحب خصلة الشعر!
    قال الوالد مستغربا :أليست مليكة صاحبة الخصلة!
    قالت حياة :من يا ترىالشخص ذو العضلات القوية المصاحب لمليكة في الصورة؟
  ردت السيدة راقية : إنه خطيب مليكة السابق! لكنه لم يعد على تواصل بعائلتنا منذ وقت طويل... ستة اشهر إن لم تخني الذاكرة !
اضطربت مليكة لما سمعته... وقالت :
كيف تجرؤين! و ما شأن سامر بهذه القضة؟ وما مصلحته من قتل رقية ؟
حياة : لقد رفض والدك عقد قرانك بالسيد سامر ... لأنه أحسّ بخداعه و بحثه عن المال!
قال الوالد: هذا صحيح!! لكن كيف عرفتي ذلك ؟ أنا لم أخبر أحداً  بهذا الأمر مسبقاً بل إنني فسخت الخطبة بلا أسباب مقنعة وجعلت مليكة تمقتني طيلة هذه الاشهر لعدم وجود سبب مقنع...
-         نعم أعلم ذلك ... اعتذر منك يا عمي بينما أنا ذاهبة للحمام دخلت إلى غرفة المكتب و فتحت الخزنة بطريقة ما و لا استطيع اخباركم بالكيفية واطّلعت على الأوراق التي بالداخل و بينها ورقة موقعة بإسم سامر توضح بأنه قد قبض مبلغ كبيربمقابل الإبتعاد عن الشركة وعن مليكة...
-         الوالد: نعم صحيح ! لقد اتضح لي أن سامر يختلس من أموال الشركة فقد كان موظفاً عندي وعندما قمت بطرده هددني بإبنتي مليكة بأنه سيؤلمها كما أصبته بالبؤس وعندها اتفقنا على أن ياخذ مبلغًا كبيرًا من المال مقابل ابتعاده عنا... لكن يبدو أنه كان مخادعًا وأراد اللعب على الحبلين ؛الحصول النقود و تدمير مليكة بوقت واحد!
سمعت مليكة ما قاله والدها و انهارت بالبكاء و بدأت بالصراخ :
-         من حقي أن تموت هي وأن يعيش أخي محطمًا طيلة حياته... لطالما رأيته سعيدًا بصحبتها أكثر مني ورايت أبي يفضلها على الجميع,حتى أنت يا أمي أحببتها أكثر من والدتها الحقيقية,أليس من حقي أن تموت ! من حقي أن تموت !
و هكذا تحرك رجال الشرطة  بعد أن سمعو كل ما قيل و قاموا بالقبض على مليكة بتهمة محاولة القتل و سرقة ممتلكات ثمينة وتم البحث عن الساعة الحقيقية ووجدت في غرفة سرحان بعدأان وضعتها مليكة حتى يثار الشك حوله ..
   

يتبع ....





























                                     

تعليقات

المشاركات الشائعة