رحيم (الفصل الخامس )

رحيم (الفصل الخامس)




رحيم 
الفصل الخامس

         وما أن حدث ذلك حتى أحست حياة بالدوار واستسلمت للنوم ورأت حلمًا جميلاً و هي في حديقة المنزل بجانب الشجرة التي تزداد جمالاً يوماُ بعد يوم و قد فُتحت أحد الأقفال الجديدة وشعرت بطاقة غريبة تجاه هذا القفل قامت بسحبها نحوه حتى دخلت القفل وأُغلق عليها وبعدها استيقظت حياة ووجدت نفسها في صحراء معزولة تفتقر للماء و الغذاء وشعرت حينها بالعطش وظلت تبحث إلى أن وجدت القليل من الماء شربت منه حتى ارتوى ظمأها, سمعت حياة صوت يشبه صوت رحيم ...

-         أين تذهبين يا حياة!أنت تقضين وقتك بالنوم وما زالت المهمات بانتظارك...أليس من الافضل أن تستيقظي الآن ؟ فالوقت يداهمنا,الأرض بحاجتك...هيا لا تكوني كسولة يا صغيرة...استيقظت حياة على صوت رحيم وتوبيخه لها ووجدت نفسها

بجانب أحد الاقفال المفتوحة وإذ بمارد يخرج من القفل  كان ضخم الجثة صغير الوجه وجهه بين الأسد والذئب أما يديه فكانتا مخيفتان جداً فهما مغطيان بجلد إضافي ورجلاه طويلتان جدا حتى إنها لم تنتبه لملامح وجهه جيدا لطولهما فوجهه بعيد جدا عنها .

 ثم قال : لديك  ثلاث أمنيات لتحقيقها وعليك استخدام ما تملكينه من حنكة واستغلال هذه الفرصة الرائعة بتحقيق المهمات ..

قالت حياة تحادث نفسها: يا لحظي  العاثر! لو لم تكن المهمات أمامي لتمنيت نقودا كثيرة وقصورا وطائرات! و لكن ليس للطيب نصيب...حسنا أول امنية لي أن تضاف مساعدة أخرى لي من رحيم بذلك الحجر الكريم ...فكما تعلم لقد استخدمت آخرالمساعدات بفك شيفرة الخزنة بالمهمة السابقة!! و الأمنيتان الثانية والثالثة أن تحل مشكلة القفل الرابع والخامس وحدهما دون مساعدة مني... هه!هل ستلبي امنياتي ايها المارد الوسيم !؟

المارد: لقد سمعت عن قدراتك العقلية وثرثراتك الدائمة وسخريتك أيضاً لكنني لم أعلم انك تجاملين ببراعة! فأين الوسامة بمارد عملاق مخيف مثلي ؟!... المهم لك ما أردت لكن بشرط ... لديك مهمة لحلها أولاً...مهمة القفل رقم (3) هذه المرة هي مهمة خفيفة وصغيرة جدا لكنها مهمة جدا...

حرك المارد يده يميناً و يساراً...حتى أصابت المنطقة زوبعة قوية حملت حياة وما يحيط حولها وألقت بها في مكان كبير...

فتحت حياة عينيها وفوقها ماعز صغير يلعق وجنتيها...ذُهلت حياة للمنظر! مزرعة كبيرة وجميلة مليئة بالحيوانات, أبقار , وماعز, وحمير , وخيول... ودجاج , وأوز و بط .. والكثير من الحيوانات الجميلة واللطيفة...طالما أحبت حياة الطبيعة والحيوانات كثيراً...

سمعت حياة صوتا :

-         من أنت يا فتاة؟ لماذا أتيت إلينا؟

التفتت حياة و لم ترَ أي إنسان بجانبها هناك فقط الحيوانات في كل مكان .

فقالت : أين أنت أيّها المتحدث؟

نظر إليها الغراب غاضباً : ألا ترين أنني أقف على كتفك !

خافت حياة وتراجعت قليلا ثم تعثرت و سقطت على الأرض...هييه كيف لي أن أسمعك أيها الغراب؟

ردّ عليها:كيف لي أن أفهمك !! أنتم يا معشر البشر تتكلمون كثيراً وكثيراً و لا نفهم ما تقولون... لو أنني أفهم ما تقولون لأنقذت هذه الحيوانات المسكينة من براثن الأعداء....

-         و من الأعداء؟

-         أنتم ايها البشر...كلما تحادثتم فيما بينكم...أرى مجزرة تحدث في هذه المزرعة...وأصدقائي الحيوانات تصاب بالضرر يوماً بعد يوم ...لم يبقى الكثير منهم ...فهناك من قُتل و عُذّب و منهم من أصابه المرض النفسي...

-         ماذا تقول ؟ ومن يفعل ذلك بهذه الحيوانات اللطيفة ؟ أي إجرام هذا !

-         سأتركك تشاهدين بنفسك واحكمي انت...

-         لكنهم سيرونني و قد تتناولون هذه الليلة شطيرة من لحم حياة!

-         هل هذا وقت السخرية ؟  

-         اعتذر منك حقا.... حسناً سأختبئ داخل الكوخ لقد جاء أربعة من الرجال ...

( سمعت صوت رحيم : لا تختبئي لن يرك أحد ! )

    تثق حياة بصوت رحيم دائماً فلم تحاول الإختباء ... ووقفت مكانها مستمعة لما يقولونه.

   قال أحد الرجال: لقد وقّعنا عقدا مع مطعم يستعمل لحوم البقر لكننا لن نعطيه لحوم البقر فأبقارنا مهيئة للتصدير خلال أيام ...

-         اذن ما الحل؟ كيف لنا أن نعطيهم كمية اللحوم التي طُلبت في العقد لقد قمنا بالتوقيع مسبقا! وهناك شرط جزائي كبير جداً...

-         لا تخف لدينا الكثير من الحيوانات غيرها .ألا ترى عدد الحمير الكثيرة نحن نستطيع قتل هذه الحمير والتحايل على المطاعم والمحلات التجارية وبيعها على أنها لحوم أبقار... لن يلاحظو الفرق ما دامت لحوم رخيصة... الناس يحبون تناول اللحوم الرخيصة حتى لو تغير طعمها قليلا...وهكذا نكسب من  صفقة اللحوم ومن تصدير الابقار! 

-         و كيف سنقتل هذه الحمير... ؟

-         حتماً سنذبحها بالطريقة الشرعية فنحن نخاف الله أولاً و آخراً! والجميع يخطؤون ليس هناك من هو معصوم عن الخطأ !

و قال آخر : لقد كثرت أعداد الإوز وأحب أن نلعب معها قليلاً ما رأيك؟

-         نعم لم نستمتع بوقتنا منذ وقت طويل  ...

 فقام الرجال بتعليق خمس إوزات رأسًا على عقب بربط أقدامها على أغصان الشجرة...

-         هيا أطلق الرصاص عليها وأنت مغمض العينين!

-         نعم نعم هي لعبتي المفضلة!

 و استمر الرجال باللعب و إطلاق الرصاص على الإوز والضحك المستمر...و كأنهم سكارى و هم ليسو سكارى !



تأثرت حياة بما شاهدت و قالت :

-         يا لكم من أشرار!أين ضمائركم؟ وما ذنب هذه الحيوانات المسكينة بتسليتكم تلك!

قال أحدهم:هيا بنا نأخذ جلود هذه الحيوانات لبيعها ... فهي باهظة الثمن ..

و خرج الرجال معا للذهاب للمدينة بغية بيع الجلود ... و تركو الحارس للقيام بوظيفته ...

طلبت حياة من الغراب القيام باجتماع طارئ لمناقشة الحيوانات بِمَ يمكن فعله للمساعدة...

قام الغراب بتلبية طلب حياة آملا منها مساعدتهم في مصيبتهم تلك ...

فقال بصوت عال : مرحا...مرحا...مرحا... اجتمعوا يا رفاق اجتمعوا...اجتمعوا يا سكان"مزرعة الألوان "...

جاءت الحيوانات من كل صوب...مستغربة لهذا الإجتماع الطارئ فالغراب لا يناديهم إلا بحدوث مصيبة جديدة فأحسّت الحيوانات بالذُعر...



قالت الإوزة: ماذا هناك؟ هل مات أحد رفاقي الإوز؟ لقد رأيتهم يأخذون صديقتي "لالا"والعمة "بيكي"!! وتأثرت الإوزة كثيرا وبدأت بالبكاء...



صاح أحد الحمير: كلا لا أعتقد ذلك لقد رأيت أحد ملاّك المزرعة  يسحب الحمار جاكي عاصباً عيناه واقتاده لداخل الحظيرة أخاف أنهم قد قاموا بقتله...



صاح الغراب:توقفو عن التساؤل الآن ليس لدينا وقت سنراهم قد عادوا إلى المزرعة في ساعات معدودة ولم نفعل شيئا بعد...توقفوا عن الأحاديث الجانبية ولنستمع للفتاة البشرية ..



تساءلت الحيوانات :

- من هذه الفتاة؟

- لماذا قد نستمع لفتاة من البشر ؟

- كيف لنا أن نفهم ما تقول ؟ فلغتينا مختلفتين تماما ...



صاح الغراب مجدداً:

توقفواعن ذلك الآن...لم يبقَ معنا أي وقت... فلنستمع للفتاة الآن...

قالت حياة: نعم توقفوا عن طرح الاسئلة ...أنا حياة وقد جئت بمهمة لإنقاذكم من براثن الأعداء....أرجو أن لا يسألني أحد عن هذه المهمة ومَن بعثني بها وكيف لكم فهم كلامي... فليس لدينا وقت للشرح, والآن أودّ أن أستمع إليكم ...واحداً تلو الآخر عن أصحاب المزرعة وما يفعلون...



قالت الاوزة : أنا جمانة...أحد أصحاب المزرعة هو المزارع جون ...هو لا يأتي للعمل ...هو فقط يحب التسلية لديه الكثير من الأموال و يرى أن من حقه الاستمتاع بأي شيء دام يمتلك السلطة والمال ,وكل يوم يأتيهم بفكرة جديدة للتسلية بنا نحن الحيوانات غالبا ما تنتهي ألعابه بموت أحدنا او إصابته باضطراب نفسي ... فها هو الحمار جاكي مصاب بالاكتئاب منذ آخر لعبة استغلوه بها حتى يشعروا بالمتعة... هو لم يعد يحادث أحداً منا ولم يعد يتناول طعامه وهو الآن ضعيف البنية و يبدو أنهم قد اقتادوه للحظيرة لقتله ثم الإستفادة من لحمه.



قالت البقرة : أنا لونا...أما بالنسبة لسعد فهو أحد أصحاب المزرعة ايضاً...يحب الأفكارالملتوية للحصول على المال ... قد يبتاع البشر منه لحم الكلاب على أنه لحم أبقار...لا ضمير له ويهتم فقط بالحصول على المال.



قال الغراب: أما السيد حمدان فهو من أسوا الأفراد هنا.يبيع الحيوانات المريضة للبشر قبل موتها على أنها سليمة ويقبض ثمنها لا أدري عدد الأشخاص الذين اصيبوا بالمرض من الحيوانات التي قام ببيعها مسبقا...أشعر بالغضب لِمَ يقومون به من أفعال.



توقف الجميع عن الكلام  رغم أن لديهم الكثير ليخبروه لحياة لكن الوجع بداخلهم كان اقوى من كل الكلام فامتثلو للصمت بعد أن تخيل كل واحد منهم مصيره في هذه المزرعة.

 قالت حياة: والحارس ما قصته ؟

-         هو لا يخلو من الخباثة أيضا فهو يقوم بسرقة البيض والحليب كل صباح حتى يقوم ببيعه دون أن يعلم شركاؤه بذلك.حتى أن الدجاجات أُصيبت بالحزن فهي كما تعلم تنتظر فراخها الصغيرة بفارغ الصبر وهو يأخذ جميع البيض دون ترك أي بيضة  لها. و هذا يؤثر على تكاثر الدجاجات فقد قل عددهن كثيرًا في الآونة الأخيرة.



دُهِشت حياة وقالت : فعلا حاميها حراميها!



-         حسنا و هل هناك غيرهم؟

قال الغراب:نعم هناك.لم نره مسبقا لكنهم يتحدثون دائما مع أحد ما على الهاتف ولا نعلم هويته.



-         حسنا لا تخافوا يا رفاق ... فأنا الآن بينكم وأستطيع المساعدة.

-         هل تستطيعين ذلك فعلا؟

-         قطعا!! فانا بشرية و بإمكاني التحدث معهم بلغتي وبإمكاني التبليغ عن هذه الجرائم لجميعات حقوق الحيوان أيضا. لن يهدأ لي بال طالما هم في هذه المزرعة , لكن لن استطيع ذلك دون دليل ,و إن جاءت الشرطة أو الجمعية الآن لن ترى شيئا غريباً أو مشكوك به لذلك سوف ننتظر عودتهم للمزرعة  لتنفيذ خطتنا.

-         قالت الاوزة: اي خطة؟ وهل سننتظر هؤلاء الاشرار حتى يجرموا بنا مرة اخرى؟

-         قال الغراب: لا فمنطق حياة صحيح جدا... يجب أن نضحي قليلا براحتنا حتى يتم القبض عليهم ... والآن ماذا سنفعل يا حياة؟

-         اولاً أخبرني كم يحتاجون من الوقت للعودة؟

-         حسناً عادة ما يغيبون ساعتين وقد مر ساعة و نصف... بقي لدينا نصف ساعة.

-         نعم هذا جيد...لدينا الوقت المناسب .

-         قامت حياة بخطتها... التي تتمحور حول اصابة الحيوانات بالخوف والذعر و التعذيب عند قدوم المزارعن و الشرطة بوقت واحد.

قامت بربط ثلاث أوزات على الشجرة...وعصب عيني أحد الحمير ووضعت السوط بجانبه.ثم طلبت من الأبقار الإدّعاء بالمرض..ووضعت بعض الأعشاب السامة بدلاً من الأعلاف...ثم خبأت البيض المتبقي للدجاجات وطلبت منها الصراخ طيلة الوقت... ثم اتفقت الغربان جميعا على النعيق بوقت واحد ...واتصلت حياة بجمعية الرفق بالحيوان و بالشرطة من هاتف خارجي على طريق المزرعة, و لاحظت مجئ الرجال  فاختبأت جيداً بين الأشجار...



دخل أصحاب المزرعة و قد أُصيبو بالدهشة لما يشهدونه فهم قد تركوا المزرعة على حالها... و قاموا بالصراخ على الحارس...واتهموه باللهو بدلا من حراسة المزرعة فبدأ الرجال بالتعارك ... ودخلت الشرطة ورجال جمعية الرفق بالحيوان بهذه اللحظة و اقتيد الجميع الى مركز الشرطة بعد أن جُمعت الحيوانات المصابة بالضرر و جمعت الأعشاب السامة التي وضعت طعاما للحيوانات و فُحٍصت ...وهكذا أُخذت جميع الحيوانات إلى مزرعة أخرى آمنة و عاشت جميعها بسلامة بعد هذا اليوم .



عادت حياة إلى حديقة منزلها بجانب الشجرة ... وكان المارد بجوارها ينتظر عودتها.

قال : حسنا حسنا ,لأنك قد أنجزت هذه المهمة بنجاح , لك ما تمنيت و قد فككت القفلين (4) و (5) و بقيت لك مهمتين فقط ... أحسنت اختيار امنياتك يا صغيرتي الذكية وداعا الان ... سأتركك مع آخر مهمتين حظاً موفقاً...





يتبع ... 






















تعليقات

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة