رحيم (الفصل السابع)




رحيم

الفصل السابع


لقد مكثنا شهرا يا ابي و لم تظهر امامي اية مهمة من المهمات الموكلة الي ! فتح القفل الأخير و ما زلت في منزلي و بجوارك .. اتراه رحيم قد نسي أمر المهمات ؟ لا أظن انه سيقطع هذه المسافة من عالمهم ليصل الي فينسى شيئا مهما كهذا .. يبدو ان المجلس قد تراجع بأن اكون من الصفوة !

لا لا ..ماذا يقصد رحيم بهذا التأخير ؟

اجاب السيد مجد :

-         الم تلاحظي اننا في شهر رمضان الان .. و اكاد اجزم ان العالم يفتقر للشرور هذه الأيام .. فاصبري لعل في جعبة رحيم حكمة لهذا التأخير ..

-         لا لا .. فليس كل سكان العالم صيام بهذا الشهر الفضيل ولا اظن ان افتراضك في محله ...

-         اذن اعتقد ان رحيم له من اسمه نصيب فأراد اعطائك فرصة للراحة ..

-         لا اعتقد ذلك فمجلس العظماء لن يقبل بفتاة مرفهة لاتحتمل الضغط و تحتاج للراحة!

كان علي ان احتفظ بالمساعدة الاخيرة .. لكنني استخدمتها لانقاذك يا ابي .. فانا لا اعرف ماهية مهمتي الاخيرة انني في حيرة من امري ..

-         ما رأيك ان نذهب للتنزه الان فانت ترهقين نفسك بالتفكير كثيرا في رحيم و تلك المهمات هذه الفترة , عليك ان تصفي ذهنك و تشحذي طاقتك بدلا من ارهاق نفسك بالتفكير الزائد بها ..

-         اوافقك الرأي .. فلنذهب للحديقة العامة .

و عندما وصلا بوابة الحديقة شاهدا غرابا اسود يقف على احد اشجارها يرمقهما بنظرة تشبه نظرات نمر يتربص للانقضاض على فريسته .. و سقطت من منقاره قلادة خضراء متجهة نحو قدمي حياة .. التقطت حياة القلادة ونظرت اليها باعجاب و قالت :

-         يا لروعتها ! و يا لحظ هذا الغراب فانه استطاع التقاط قلادة ثمينة كهذه .. ليتني غراب يا ابي ..! حل الصمت قليلا ثم بدآ بالضحك معا ..

-         ايعقل يا ابي انها القيت في مكان ما وعثر عليها هذا الغراب ؟ اتعتقد انها غالية الثمن ؟ و ماذا سيحصل ان بعناها وحصلنا على ثمنها . ؟

-تحسست حياة القلادة فجرحت قليلا ... -

و ما ان قالت حياة هذا الكلام حتى تعالى نعيق الغربان و تطايرت اوراق الاشجار هنا و هناك  وحلت رياح قوية اقتلعت جميع الشجيرات الصغيرة و اصفرّت حياة واحست بالرعب الشديد وتمسكت بذراع والدها لتستشعر الامان الذي طالما فقدته .

بدأ السيد مجد بالمناجاة : يا الهي ارجوك ارحمنا .. ابنتي ما زالت صغيرة ولا اريد فقدانها ارجوك ساعدنا يا رب ..

و استمر السيد مجد مكررا الدعاء حتى هدأ الطقس شيئا فشيئا .. فعاد كما كان و كأن شيئا لم يحدث ..
وجدت حياة نفسها عند بوابة الحديقة مع والدها بعد قرارها بعدم التفكير برحيم و بالمهمات وبينما هي تسير شاهدت غرابا اسودا يحمل في منقاره قلادة خضراء - لا عزيزي القارئ لم تخطئ فلا تعد للسطور السابقة – رمقهم الغراب بنظرات غريبة مخيفة واسقط قلادته الخضراء على قدمي حياة و اعجبت حياة بالقلادة وتحسستها فجرحت لكنها  تمنتها لنفسها راغبة بيعها وامتلاك ثمنها ..و عادت الاجواء للاضطراب من جديد و قام السيد مجد بالدعاء مجددا ان يحمي الله له ابنته الصغيرة فعادا مرة اخرى لبوابة الحديقة .. كما ترى فهما يكرران الاحداث نفسها لكن دون علمهما فقد مسحت ذاكرتيهما بلحظات قصيرة وما زال المشهد يكرر ذاته دقيقة بعد دقيقة و ساعة تلو الاخرى و يوما بعد يوم اخر ولا تغيير في الاحداث ولا اكتراث من احد .. تعيش حياة ووالدها حالة من تكرار الزمن ..

 

 

 

يتبع ....

 

 

 

 

 

 

(8)

تعليقات

المشاركات الشائعة