رحيم (الفصل الأخير)






رحيم
الفصل الثامن ( الأخير)

لا تعلم حياة ما يخبئه القدر .. فتكرار الاحداث ليس لصالحها. و اذا استمرت في دوامة الزمن تلك لن تحقق ما وُجدت لأجله ! ما العمل ؟ كيف لحياة العودة الى مسارها الزمني الصحيح وخاصة مع غياب المساعدات التي وهبها لها رحيم ؟ استمرت حالة تكرار الزمن هذه شهوراً عدة .. لكن لكل شيئ نهاية.. للفرح نهاية و للحزن أيضًا فكيف لتكرار الزمن أن يكون بلا نهاية . فجاة أحسّت حياة بشخص يهمس لها :

-         امسحي على القلادة الخضراء بيدك فهي قذرة وتحتاج للتنظيف ..

قامت حياة بذلك ويا للعجب !

احست بالارتعاش من راسها حتى اخمص قدميها ..و توسعت حدقتي عينيها وابتدأت وجنتيها بالإحمرار ووجدت نفسها مستلقية  في سرير المشفى والسيد مجد إلى جوارها يناجي  ربه . ..

فرح السيد مجد باستيقاظ حياة من غيبوبتها مستفسراً .. :

-         ماذا حدث لك يا ابنتي ؟ البارحة كنا في الحديقة العامة وما أن أمسكتِ بتلك القلادة حتى وقعت مغشيا عليك و لم أفهم ما حدث .. لقد خفت عليك كثيرًا يا ابنتي .. لن نخرج إلى أي مكان بعد اليوم سنلزم الجلوس في المنزل مستقبلاً .. لن أفقدك مجدداً!

 

   أخبرهم الطبيب بتحسن حالة حياة لكن للاحتياط وجب عليها البقاء في المشفى يوماً اخر للمراقبة . استأذن السيد مجد الذهاب إلى المنزل للقيام ببعض الأعمال ووعدها بالقدوم غدا للعودة معا الى هناك ..

و في الساعة الثانية عشر سمعت حياة طرقا خفيفا على زجاج النافذة . فتحت الستارة لمعرفة مصدر الصوت و اذ بغراب يقف على حافة النافذة .. ذهلت حياة لرؤيته ثم قامت بالسؤال :

-         ماذا تفعل هنا ؟ أين رايتك مسبقاً .و بدأت بتذكر الأحداث .. ااه نعم أنت صاحب القلادة الخضراء تلك .. كيف أتيت الى هنا ؟ و ما الذي جاء بك !

-         توقفي عن طرح الاسئلة الآن .. لقد جاء دوري لطرحها .. هل أنت متاكدة أنك رأيتني في الحديقة فقط ؟ ألا تذكرين شيئا اخر ؟ بوقت اخر ؟

مرحاااا مرحااا مرحااا و الآن ما رايك ؟

استجمعت حياة ما تبعثر من ذاكرتها خلال الأيام السابقة ..

(تفكر)

-         مرحا..مرحا... مرحا!! أين سمعت هذا الكلام ؟ نعم تذكرت ذلك جيدا .. أنت أحد غربان " مزرعة الألوان " ..كم أنا سعيدة برؤيتك! كيف أصبحت وكيف حال حيوانات المزرعة اللطيفة ؟ أرجوك حدثني عنكم و لماذا أتيت لرؤيتي ؟ هل أصابهم أي مكروه ؟ أنا مستعدة لأي مساعدة ممكنة ؟

-         توقفي عن طرح الاسئلة ما زلت لحوحة كما عهدتك .. قطعاً سأخبرك . في الحقيقة أجبرني أحدهم على إلقاء القلادة الخضراء في مكان تتواجد به أحدى الفتيات وهي قلادة مسمومة لكن عندما أمعنت النظر جيداً .. صُدِمت كثيراً فتلك الفتاة هي أنت حياة التي انقذتِنا يوماً فلم يهن علي رؤيتك طريحة فراش الموت .. فاستدعيت رحيم .. أنا أعلم جيدًا أن رحيم لن يستطيع مساعدتك فقد استهلكتي جميع المساعدات مسبقاً .. لكنه ومع ذلك حاول مساعدتك بطريقة ما .. فقد قام بإيقاف الزمن حتى لا نفقدك بعد سريان السم في مجرى الدم.. أنا اسف يا حياة لم أكن اعلم بوجودك واضطررت لذلك بعد التهديد .. انا لم تكن لي محاولات قتل سابقة ومحال أن تدور في خاطري أفكارا مسمومة كالقتل ! لكنني أُجبرت على ذلك بعد تهديدي بقتل جميع من في المزرعة من حيوانات و بشر ..

-         أجابت حياة : لا تنزعج... أعلم ما تشعر به وأنا أُسامحك ولكن كيف لرحيم أن يساعدني ؟ لقد خالف أوامر مجلس العظماء ومؤكد سيعاقب .. وأنا السبب في ذلك .. لا أريد أن يصاب رحيم بأي مكروه فهو شخص جيد وأنا لا أطيق رؤيته يعذّب يوماً ..

طُرِق باب الغرفة ..

-         تفضل ؟

-         هل أصبحتي جيدة الان ؟؟

-         من ؟ رحيم ! لكن كيف ؟ آسفة جدا .. لا بد أنك في مأزق شديد بسببي ..و بدأَت بالبكاء.
- لا تبكي يا حياة .. فقد قمتُ بالمساعدة بملء إرادتي و بعد أن طلبت من المجلس أن أُساعدك .. فأنا لن أخطوً خطوة واحدة دون إخبارهم بما أعزم على فعله ..

-         و لكنني أراكَ مختلفا قليلا  أين الشعر الذي يملأ وجهك؟ وهل عوقبت بسبب ما فعلت ! اوووه أنا آسفة لم أقصد ايذاءك يوماً..

-         نعم عوقبت! وأنا سعيد بعقوبتي ..

-         حتما أنت سعيد؟ أنت تخبرني بذلك ليطمئن قلبي فقط .. إنني حقا فتاة مؤذية ..

-         توقفي عن لوم نفسك... لا! فانا لا أطيق رؤيتك حزينة .. كنت مراقباً لك طيلة فترة انجازك للمهمات و لم أرَ منك سوا فتاة طيبة وخدومة وذكية .. تحب الخير للناس وهذا ما جذبني لمراقبتك كل يوم وساعة و دقيقة .. لقد أصبحت كالهواء بالنسبة لي .. إذا لم أرك يوما أشعر بالانزعاج ..و تأكدت وقتها من شعوري .. فقد وقعت بالحب !

ذهلت حياة لما سمعت ... وارتبكت قليلا ثم قالت :

-         حب من؟ لا تقل أنك تحبني أنا ! ليس من المعقول أن تحب من غير نوعك ..

-         و من قال أنك من غير نوعي ؟

-         انت اخبرتني مسبقاً أنك لست إنسياً ولا جنياً !

-         نعم مسبقاً ! أما الان فإنا إنسان بالثلاثين من عمري !

اتسعت عينا حياة من الصدمة والابتهاج و لم تستطع إخفاء الفرحة ..

-         و كيف ذلك ؟

-         عندما أنهيتي  جميع المساعدات لم أستطع أن أقف مكتوف الأيدي فطلبت من مجلس العظماء مساعدة أخرى خوفا من فقدانك .. لكن القوانين لدينا صارمة .. وإذا خالفت أحدها وَجَبت العقوبة .. لكن العقاب كان جميلاً جدا كما ترين .. أُعطيت حياتا بشرية قابلة للانتهاء مقابل حياتي الخالدة ... فالآن ستنتهي حياتي بأي لحظة كأي بشري آخر.

-         أرايت يا رحيم إنني فتاة سيئة لو أنك تجنبت مساعدتي لبقيت كما أنت و لم تصبح حياتك مؤقتة وزائلة !

-         لا بالعكس تماماً .. أنا سعيد بذلك .. أتمنى أن تنتهي حياتي وأنا بجوار أطيب فتيات هذا الكون .. نعم سأنسى حياتي كمخلد يجب أن أعيش كل لحظات حياتي بسعادة بجانب من أحب .. أتعلمين أن هذه العقوبة ليست للجميع ؟ العقوبة لمخالفة القوانين هي النفي عن العالم والاحتجاز في مكان مجهول لا يعلم مكانه احد ويبقى المخالف هناك للأبد.. لكنني مجتهد في عملي وصادق ولا اؤذي أحداً فقرر مجلس العظماء تخفيف العقوبة في تحولي إلى إنسي .. و هذا ما لم أندم عليه أبداً .. لقد تمنيت ذلك من أعماق قلبي .. نعم تمنيت أن تكون أحد امنياتك تحولي إلى إنسي .. اعتقدت أنك تبادلينني الشعور .. لكن كيف لك أن تحبي من هو من غير نوعك .ورجلا بهذا الشكل و العمر ..

-         لكنك وسيم الآن .. لقد أصبحت انساناً رائعاً .. نعم ! كان علي أن اشعر بك.. لو أني أعلم لطلبت الشيئ ذاته .. فأنا لا أرى بك سوا شخصاً رائعاً .. كنت ابحث عنك عند وقوعي بالمصائب ولم أُنادي سواك .. نعم يبدو أنني قد أُغرمت بك .. أنا لم أبحث عن المساعدات وإنما بحثت عنك .. أحب البقاء معك..

-         و هكذا أٌغلقت القضية بالقضاء على عشرة بالمئة من شرور هذا العالم وازدادت الشجرة جمالًا و اخضراراً..

(يتحاور مجلس العظماء فيما بينهم )

-         اقترح عليكم اختيار محمد ..

-         لا أظن أنّ محمداً قادرا على إصلاح أي شيء فهو يفتقر للذكاء ..

-         لكن محمد معروف بأمواله الطائلة ..

-         نعم نعم .. نعلم أن الكثير من مصالح كوكب الأرض تُحلّ بالمال ..

-         حتما .. لكنها لن تكون مصالح ملتوية هذه المرة .. بل سنستخدم المال لفعل الخير ..

-         أوافق اذن على اختيار محمد ..

-         حسنا لكن من سنختار لمساعدته !

-         قطعاً سيكون رحيم !!

لا تعجب ! فأنت كقارئ لمثل هذه القصص تمتلك خيالا خصبا ًوعليك استخدامه قليلا ..

إلى لقاء آخر ......


النهاية

تعليقات

المشاركات الشائعة